قال الطحاوى: وقد روى أن النبى، عليه السلام، مرَّ بابن بحينة وهو يصلى بين يدى نداء الصبح، فقال: لا تجعلوا هذه الصلاة كصلاة الظهر وبعدها، واجعلوا بينهما فصلاً، فأبان فى هذا الحديث أن الذى كرهه رسول الله لابن بحينة هو وصله إياها بالفريضة فى مكان واحدٍ دون أن يفصل بينهما بشىء يسير؛ لأنه كره له أن يصليهما فى المسجد، فإذا فرغ منهما تقدم إلى الصفوف فصلى الفريضة مع الناس، وقد روى مثل هذا المعنى فى غير هذا الحديث. روى ابن جريج، عن عمر بن عطاء، أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن يزيد يسأله: ماذا سمع من معاوية فى الصلاة بعد الجمعة؟ فقال: صليت معه فى المقصورة الجمعة، فلما فرغت قمت لأتطوع فأخذ بثوبى فقال: لا تفعل حتى تتقدم أو تكلم؛ فإن رسول الله كان يأمر بذلك. ولم يختلفوا أنه من لم يُصل العشاء فدخل المسجد فوجدهم فى الإشفاع أنه جائز أن يصلى العشاء ناحيةً من المسجد بحيث يأمن تخليط الإمام عليه. وقال الطحاوى: يحتمل أن يكون النهى فى قوله: (الصبح أربعًا) ؛ لأنه جمع بين الصلاتين من الفرض والنفل فى مكان واحد، كما نهى من صلى الجمعة أن يصلى بعدها تطوعًا فى مكان واحدٍ حتى يتكلم أو يتقدم. وأما قوله فى الترجمة: (إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة) ، فقد روى هذا اللفظ عن النبى، عليه السلام، رواه أبو عاصم، عن زكريا بن إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن سليمان بن