قال الطبرى: وفيه من الفقه صحة قول القائل: تفضل المقاربة بين الخطا فى المشى إلى الصلاة على الإسراع إليها، وذلك أن ابن عباس ذكر أن قول الله: (ونكتب ما قدموا وآثارهم) [يس: 12] ، نزلت إعلامًا من الله تعالى نبيه أنه يكتب خطا المشائين إلى الصلاة، ويوجب لهم ثوابًا؛ حضًا منه تعالى للذين أرادوا النقلة إلى قرب مسجده على الثبات فى مواضعهم، وإن نأتْ، وترغيبًا لهم فى احتساب خطاهم، ومشيهم إلى الصلاة، وقد روى عن الرسول أن من بعد من المسجد أفضل. وروى ابن أبى شيبة، عن وكيع، عن ابن أبى ذئب، عن عبد الرحمن بن مهران، عن عبد الرحمن بن سعيد، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله: (الأبعد فالأبعد من المساجد أعظم أجرًا) . وروى عن أنس أنه كان يتجاوز المساجد المحدثة إلى المساجد القديمة، وفعله مجاهد وأبو وائل، وقد روى عن بعضهم خلاف هذا، سئل الحسن: أيدع الرجل مسجد قومه ويأتى غيره؟ قال: كانوا يحبون أن يكثر الرجل قومه بنفسه. وسئل أبو عبد الله بن لبابة عن الذى يدع مسجده ويصلى فى الجامع للفضل فى كثرة الناس فقال: لا يدع مسجده، وإنما فضل الجامع فى صلاة الجمعة فقط.
/ 46 - فيه: أَبو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسول الله: (لَيْسَ صَلاةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا، لأتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، ولَقَدْ