وأما ما روى عن الأسود أنه كان يتبع المساجد إذا فاتته الجماعة، فقد روى ذلك عن حذيفة، وسعيد بن جبير، وذكر الطحاوى، عن الكوفيين ومالك: إن شاء صلى فى مسجده وحده، وإن شاء أتى مسجدًا آخر فطلب فيه الجماعة، إلا أن مالكًا قال: إلا أن يكون فى المسجد الحرام، أو مسجد الرسول فلا يخرجوا منه، ويصلوا فيه وحدانًا؛ لأن هذين المسجدين للفذ أعظم أجرًا ممن صلى فى جماعة. وقال الحسن البصرى: ما رأينا المهاجرين يتبعون المساجد، قال الطحاوى: والحجة لمالك أن صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة، والصلاة فى المسجد الحرام، ومسجد الرسول أفضل من الصلاة فى غيرهما؛ فلذلك لا يتركهما ابتغاء الصلاة فى غيرهما، وفى مختصر ابن شعبان عن مالك: أنه من صلى فى جماعة فلا يعيد فى جماعة إلا فى مسجد مكة والمدينة. وأما صلاة اثنين جماعة فى مسجد قد جمع فيه، فإن العلماء اختلفوا فى ذلك، فروى عن ابن مسعود أنه صلى بعلقمة والأسود فى مسجد قد جمع فيه، وهو قول عطاء، والحسن البصرى فى رواية، وإليه ذهب أحمد، وإسحاق، وأشهب صاحب مالك. وروى ابن مزين عن أصبغ قال: دخلت المسجد مع أشهب وقد صلى الإمام، فقال: يا أصبغ ائتم بى وتنحى إلى زاوية، فائتممت به، واحتج أحمد فى ذلك بقوله عليه السلام: (صلاة الجمع تزيد على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) . وقالت طائفة: لا تجمع فى مسجد مرتين، روى ذلك عن سالم،