فينادى: (ألا إن العبد قد نام) ، فهذا ابن عمر يروى هذا وهو قد روى أن بلالاً ينادى بليل؛ فثبت أن ما كان من ندائه قبل طلوع الفجر إنما كان لغير الصلاة، وأن ما أنكره عليه إذ فعله كان للصلاة، واحتج أهل المقالة الأولى بقوله عليه السلام: (إن بلالاً ينادى بليل فكلوا واشربوا حتى ينادى ابن أم مكتوم) ، قال ابن القصار: فأخبر عليه السلام أن نداء بلال للصبح يقع فى الوقت الذى يجوز لمن أراد الصوم أن يأكل ويشرب، وهو قبل الفجر. وأما قولهم: إن نداء بلال كان لِيُسَحِّرَ الناس بأذانه ويستيقظ النائم وينام القائم كما جاء فى الخبر، فالجواب: أنه لو أراد به السحور فقط لقال حى على السحور، ولم يقل حى على الصلاة فيدعوهم، وهو يريد أن يدعوهم إلى السحور، فشأنه يدعوهم إلى الصلاة، وقد يكون لهما جميعًا فيكون أذانه حضًا على الصلاة، وإن احتاج أحد إلى غسل اغتسل، أو يكون فيهم من عادته صلاة الليل ذلك الوقت، أو يكون إنسانًا قائمًا فيعرف أنه قد بقى عليه وقت يستريح فيه بنومه كما كان يفعل الرسول، عليه السلام، فهذا معنى قوله: (ليرجع قائمكم ولينبه نائمكم) ، وهذا يحتاج إليه فى شهر رمضان وغيره ممن يصوم درهه أو عليه نذر، وقوله: (إن بلالاً ينادى بليل) ، أى إن من شأنه أن يؤذن بليل الدهر كله، فإذا جاء رمضان فلا يمنعنكم أذانه المعهود من سحوركم، وفى إجماع المسلمين على أن النافلة بالليل والنهار لا أذان لها دليل بين أن أذانه كان لصلاة الصبح. قال المهلب: وفيه أن الإشارة تكون أقوى من الكلام، وقوله: (ليس الفجر هكذا) يريد أن الفجر ليس هو هذا الفجر الأول المعترض فى الأفق، وذلك لا حكم له، وإنما هو علامة للفجر الثانى الذى يُحِلّ