قال أبو جعفر الداودى: قوله عليه السلام: (لو يعلمون ما فى النداء والصف الأول) ، يريد لو يعلمون ما فيه من عظم الثواب لبادروا إليه جميعًا، فلا يبقى من يقيم لهم الجمعة؛ لأن إمام الجمعة لا يكون مؤذنًا، وإنما يؤذنون بين يديه إذا جلس على المنبر، ولذلك قال عمر: لولا الخلاف لأَذَّنُتُ. أما إقراع سعد بين الذين اختلفوا فى الأذان فإن الطبرى ذكر أنه افتتحت القادسية صدر النهار واتبع الناس العدو، فرجعوا وقد حانت صلاة الظهر وأصيب المؤذن؛ فتشاج الناس فى الأذان حتى كادوا يجتلدون بالسيوف، فأقرع بينهم سعد فخرج سهل رجل فأذن. فالقرعة أصل من أصول الشريعة فى تبدية من استوت دعواهم فى الشىء، وفضل الصف الأول على غيره لاستماع القرآن إذا جهر الإمام والتكبير عند تكبيره والتأمين عند فراغه من فاتحة الكتاب، وقد قيل: إن المراد بذكر الصف الأول المسابقة إلى المسجد؛ لأن مَنْ بَكَّر إلى الصلاة وانتظرها وإن لم يصل فى الصف الأول أفضل ممن تأخر وصلى فى الصف الأول؛ لأن المنتظر للصلاة فى صلاة، والتهجير: السبق إلى المسجد فى الهواجر، فمن ترك قائلته وقصد إلى المسجد ينتظر الصلاة، فهو من صلاة وهو فى رباط. وقوله: (ولو يعلمون ما فى العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا) ، وإنما خاطب بذكر العتمة من لا يعرف العشاء إلا بهذا الاسم فخاطبهم بما يعقلون، ومن علم أن اسمها العشاء لم يخاطب إلا بما فى القرآن قاله الداودى. قال الطبرى: وإنما خص العتمة والصبح دون سائر الصلوات للزومها فى أثقل الأوقات، العشاء وقت الدعة والسكون من كل تعب،