قال الطحاوى: لم أجد لأصحابنا فى هذا نصًا، غير أن أبا يوسف قال: من أذن فى صلاته إلى آخر الشهادتين لم تفسد صلاته إن أراد الأذان، وفى قول أبى حنيفة: لم تفسد صلاته، فهذا يدل من قولهم أن من سمع الأذان فى الصلاة أنه لا يقوله. وقل بعض العلماء: القياس أنه لا فرق بين المكتوبة والنافلة فى هذا الباب؛ لأن الكلام محرم فيهما، وقوله: حى على الصلاة، حتى على الفلاح: كلام، فلا يصلح فى شىء من الصلاة، وقد قال ابن المواز: إنه من قاله فى صلاته عامدًا أو قال: الصلاة خير من النوم أنها تفسد صلاته، قال ابن خويز منداد، عن مالك: هو مسىء ولا تبطل صلاته، وأما سائر الأذان فمن الكلام الذى يصلح فى الصلاة. وقال الطحاوى: وقد قال قوم: إن قول الرسول: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول) على الوجوب، وخالفهم آخرون وقالوا: هو على الاستحباب والندب، واحتجوا بما رواه قتادة عن أبى الأحوص، عن علقمة، عن عبد الله قال: (كنا مع الرسول فى بعض أسفاره، فسمع مناديًا وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر، فقال رسول الله: (على الفطرة) ، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (خرج من النار) ، فابتدرناه، فإذا هو صاحب ماشية أدركته الصلاة فصلى) ، قال الطحاوى: فهذا رسول الله سمع المنادى، فقال غير ما قال؛ فدل أن قوله عليه السلام: (فقولوا مثلما يقول المؤذن) على غير الإيجاب، وأنه على الندب وإصابة الفضل، كما علمهم من الدعاء الذى أمرهم أن يقولوه عند إدبار الصلوات وشبه ذلك.