للناس عند تغير الزمان وفساد الأحوال مرغب فيه، وروى عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنمًا يتبع بها شعف الجبال ومواضع القطر، يفر بدينه من الفتن) . قال المهلب: وفيه فضل الإعلان بالسنن وإظهار أمور الدين، وإنما أمره برفع صوته بالنداء ليسمعه من بعد منه فيكثر الشهداء له يوم القيامة، وقد اختلف فى قوله عليه السلام: (ولا شىء إلا شهد له يوم القيامة) ، فقالت طائفة: الحديث على العموم فى كل شىء، وجعلوا الجمادات وغيرها سامعة وداخلة فى معنى هذا الحديث. وقالت طائفة: لا يراد بالحديث إلا من يجوز سماعه من الجن والإنس والملائكة وسائر الحيوان، قالوا: والدليل على ذلك أنه لم يذكر إلا الجن والإنس ثم قال: (ولا شىء) ، يريد من صنف الحيوان السامع والملائكة والحشرات والدواب. ولا يمتنع أن الله، تعالى، يقدر يسمع الجمادات، لكنا لا نقول ذلك مع جوازه إلا بخبر لا يحتمل التأويل، وليس فى هذا الحديث ما يقطع به على هذا المعنى، وقول عمر لمؤذنه: (أذن أذانًا سمحًا وإلا فاعتزلنا) ، إنما نهاه عن التطريب فى أذانه والخروج عن الخشوع، وروى ابن أبى شيبة قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عمرو، عن سعيد: (أن مؤذنًا أذن فطرب فى أذانه فقال له عمر: أذن أذانًا سمحًا وإلا فاعتزلنا) . وفيه: أن الأذان للمنفرد مرغب فيه مندوب إليه، وقد روى عن الرسول أنه قال: (من أذن فى أرض فلاة، وأقام وحده، صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال) .