وروى ابن أبى شيبة، عن أبى معاوية، عن الأعمش، عن أبى سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (إذا نادى المنادى بالأذان هرب الشيطان حتى يكون بالروحاء، وهى ثلاثون ميلاً من المدينة) ، وذكر ابن سفيان، عن سعيد بن المسيب، قال: بلغنا أنه إن خرج من المسجد بين الأذان والإقامة أنه سيصاب بمصيبة. وذكر عن أبى هريرة أنه كان فى المسجد فأذن المؤذن فخرج رجل، فقال أبو هريرة: (أما هذا فقد عصى الله ورسوله، أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا سمعنا الأذان ألا نخرج حتى نصلى) ، ويحتمل أن يكون معنى هذا النهى، والله أعلم، لئلا يشبه فعل الشيطان فى هروبه لئلا يسمع النداء. وقال الطبرى: قوله: (إذا ثُوبّ بالصلاة) ، يعنى صرخ بالإقامة مرة بعد مرة أخرى، ورجع، وكل مردد صوتًا فهو مثوب، ولذلك قيل للمرجع صوته فى الأذان بقوله: (الصلاة خير من النوم) ، مُثوِّبَ وأصله من ثاب يثوب، إذا رجع إليه، ومنه قوله تعالى: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس) [البقرة: 125] ، يعنى أنهم إذا انصرفوا منه رجعوا إليه. وجمهور العلماء على أن الإقامة للصلاة سنة، ولا خلاف بينهم أن قول المؤذن فى نداء الصبح (الصلاة خير من النوم) ، يقال له: تثويب، وروى هشيم، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أنس قال: ما كان التثويب إلا فى صلاة الغداة إذا قال المؤذن: حى على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم.