وقت الحاضرة؛ لأن المنسية عندهم واجبة قبل صلاة الوقت، فإذا ذكرها اشتركت مع صلاة الوقت فى الوجوب، ولها حق التقدمة، فكأنها ظهر وعصر اجتمعا فى يوم واحد، فوجب أن يقدم الظهر وإن قدمت العصر وجب إعادتها؛ لأن الترتيب عندهم فى خمس صلواتٍ فدون من الفوائت وجوبُ سُنَّة، وإنما لم يجب الترتيب عندهم فى أكثر من خمس صلوات؛ لأنها مشتبهة بصلاة اليوم بعينه، ولو وجب فى أكثر من ذلك لوجب فى سنين كثيرة، وذلك ما لا يطاق عليه؛ لأنه لا سبيل إلى أن يقضى صلاة سنة أو أكثر فى يومين ولا ثلاثة، ولو تكلف ذلك أحد لترك أيام القضاء بغير صلوات، وهذا جهل من قائله، فلم يكن بُد من حد بين القليل والكثير فى ذلك. وفى هذا الحديث رد على جاهل، انتسب إلى العلم وهو منه برىء، زعم أنه من ترك الصلاة عامدًا أنه لا يلزمه إعادتها. واحتج بأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) ، ولم يذكر العامد، فلم يلزمه القضاء، وإنما يقضيها الناسى والنائم فقط، وهذا ساقط من القول يئول إلى إسقاط فرض الصلاة عن العباد، وقد ترك الرسول يوم الخندق صلاة الظهر والعصر قاصدًا لتركها لشغله بقتاله العدو، ثم أعادها بعد المغرب. ويقال له: لمَّا أوجب النبى (صلى الله عليه وسلم) على الناسى النائم الإعادة، كان العامد أولى بذلك؛ لأن أقل أحوال الناسى سقوط الإثم عنه، وهو مأمور بإعادتها، والعامد لا يسقط عنه الإثم، فكان أولى أن تلزمه إعادتها، ولا يوجد فى شىء من مسائل الشريعة مسألة: العامد فيها معذور، بل الأمر بضد ذلك لقوله عليه السلام:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015