فدل ذلك على أن حكم غيره فيهما إذا فاتتا خلاف حكمه عليه السلام، فليس لأحد أن يصليهما بعد العصر، ولا أن يتطوع حينئذ أصلاً؛ لأن من فعل ذلك، فهو متطوع فى غير وقت تطوع. وقال أصحاب الشافعى: الأزرق بن قيس من الشيوخ، ولو صح حديثه لاحتمل التأويل، وذلك أن نهيه عليه السلام، عن قضائهما مما يدل أنه لا تجوز صلاتهما بعد العصر، وإنما نهى عن قضائهما على وجه الحتم والوجوب، وأما من شاء أن يتطوع بالصلاة ذلك الوقت رغبة فى الفضل، فله فى صلاته عليه السلام، بعد العصر أفضل الأسوة. فإن قال قائل: إن أحاديث هذا الباب معارضة لنهيه عليه السلام، عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس، فكيف السبيل إلى الجمع بينهما؟ . قال الطبرى: لا تعارض بينهما بحمد الله، ولها معانى صحيحة، وذلك أن للنهى وجوهًا: منها الكراهة، ومنها العزم والتحريم، ولا سبيل لأمته إلى علم مراده منها إلا ببيانه عليه السلام، ولما لم يذكر فى ظاهر نهيه عن الصلاة بعد العصر وبعد الصبح دلالة لسامعه على معنى مراده منه، كان غير جائز ترك بيانه، فكانت صلاته التى صلاها بعد العصر تبيينًا منه لأمته أن نهيه على وجه الكراهة، لا على وجه التحريم، كتحريمه عند بروز حاجب الشمس للطلوع، وعند مغيب حاجبها للغروب، وإعلام منه لهم أن من صلى بعد العصر وبعد الصبح غير حرج ما لم يوافق وقت الطلوع والغروب. وذلك نظير نهيه إياهم عن المزعفر بالزعفران واستعماله، وعن لبس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015