يهدى له، وكان يأكل السمن والكامخ، فيقول: سأصبر على هذا حتى يأذن الله بالفرج. قال الطبرى: وهذه أخبار صحاح ليس فيها خلاف لشىء مماتقدم، فأما كراهة عمر فإنما كان خوفًا منه عليه الاحجاف بماله لكثرة شرائه اللحم إذ كان اللحم قليلاً عندهم، وأراد أن يأخذ بحظه من ترك شهوات الدنيا وقمع نفسه، يدل على ذلك قوله لابنه: كفى بالمرء سرفًا أن يأكل كل ما اشتهى، وأما أبو أمامة فقد أخبر بالعلة التى لها كره أن يكون أهل البيت لحميين وهو تبذيرهم وتدميرهم. وأما ابن سيرين فإنما ترك شراء اللحم؛ إذ لزمه الدين وفلس من أجله، فلم يكن عنده لها فضاء، والحق عليه مافعل من التقصير فى عيشه وترك التوسع فى مطعمه حتى يؤدى ماعليه لغرمائه، وكان إذا وجده من غير الشراء لم يؤثر عليه غيره. وأما قول يزيد بن أبى حبيب أن القطنية طعام الأنبياء، فمعنى ذلك والله أعلم نحو معنى فعل عمر فى تركه ذلك إشفاقًا ممن يكون بأكله مم يكون فى جملة من أذهب طيباته فى حيانه الدنيا مع أن التأسى بنبينا عليه السلام لايؤثر على اللحم شيئًا ما وجد إليه السبيل. حدثنى محمد بن عمار الرازى حدثنا سهل بن بكار حدثنا أبو عوانة، عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزى، عن جابر بن عبد الله قال: (ذبحت للنبى عليه السلام عناقًا واصحلتها، فلما وضعتها بين يديه، نظر إلى وقال: كأنك قد علمت حبنا اللحم) . وبمثل الذى قلنا كان السلف يعملون، روى الأعمش عن أبى عباد عن أبى عمرو الشيبانى قال: (رأى عبد الله مع رجل دراهم فقال: ما