الطيب وكراهة أكل المر، وأن الزهد ليس فى خلاف ذلك ألا ترى أن النبى عليه السلام شبه المؤمن الذى يقرأ القرآن بالأترجة التى طعمها طيب وريحها طيب، وشبه المؤمن الذى لايقرأ بالتمرة طعمها طيب ولاريح لها، ففى هذا الترغيب فى أكل الطعام الطيب وأكل الحلو، ولو كان الزهد فيه أفضل لماشبه النبى - عليه السلام - ذلك مرة بقرأة القرآن ومرة بالإيمان، فكما يفضل المؤمن بقرأة القرآن وبالإيمان فكذلك فضل الطعام الطيب سائر الطعام، ويشهد لهذا أنه فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، وهذا تنبيه منه على أكل الثريد واستعماله لفضله، وتشبيهه المنافق بالحنظلة والريحانة اللتين طعمهما مر؛ فذلك غاية الذم للطعام المر، إلا أن السلف كرهوا الأكثار من أكل الطيبات وإدمانها خشية أن يصير ذلك لهم عادة، فلا تصبر نفوسهم على فقدها رياضة لهم وتذليلا وتواضعًا. فإن قيل: فما معنى حديث أبى هريرة وليس فيه ذكر أفضل الطعام ولا أدناه؟ قيل: يحتمل أن يريد به أن ابن آدم لابد له فى الدنيا من طعام يقيم به جسده ويقوى به على طاعة ربه، وأن الله تعالى جبل النفوس على الأكل والشرب والنوم وذلك قوام الحياة، والناس فى ذلك بين مقل ومكثر، فالمؤمن يأخذ من ذلك قدر إيثاره للآخر والدنيا.

- باب الأدم

/ 51 - فيه: عَائِشَةُ، أَن النَّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) دَخَلَ بَيْتَها وَعَلَى النَّارِ بُرْمَةٌ تَفُورُ، فَدَعَا بِالْغَدَاءِ، فَأُتِىَ بِخُبْزٍ وَأُدْمٍ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ، فَقَالَ: (أَلَمْ أَرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015