فإن تعدى فى ذلك إلى مافوقه مما يمنعه القيام بالواجب عليه لله كان قد أسرف فى مطعمه ومشربه، وبنحو هذا ورد الخبر عن النبي عليه السلام روى ابن وهب، عن ماضى بن محمد، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله: (إذا سددت كلب الجوع برغيف وكوز من الماء القراح فعلى الدنيا الدمار) وروى أبو داود عن حريثبن السائب قال: حدثنا الحسن، حدثنا حمران بن أبان، عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله عليه السلام (كل شىء فضل عن ظل بيت وجلف الخبز - يعنى: كسر الخبز - وثوب يستره فضل ليس لابن آدم منه حق) فأخبر عليه السلام أن لابن آدم من الطعام ماسد به كلب جوعه، ومن الماء ما قطع ظمأه، ومن اللباس ماستر عورته، ومن المساكن ماأظله وكنه من حر وقر، وأن لاحق له فيما عدا ذلك فالمتجاوز من ذلك ما حده رسول الله خاطب على نفسه، متحمل ثقل وباله، ولو لم يكتسب المقل من الأكل إلا التخفيف من بدنه من كظ المعدة ونتن التخمة لكان حريًا به تحرى ذلك لها طلب الترويح عنها، فكيف والإكثار منه الداء العضال، وبه كان يتعاير أهل الجاهلية والإسلام، وفى حديث أنس وعبد الرحمن ابن أبى بكر علامات النبوة؛ لأنه أكل من الطعام اليسير العدد الكثير حتى شبعوا ببركة النبي - عليه السلام.