وفي حديث أبي هريرة إباحة الشبع عند الجوع لقوله: (فشربت حتى استوى بطنى فصار كالقدح) يعنى كالسهم يعنى فى استوائه؛ لأنه لما روى من اللبن استقام بطنه وصار كأنه سهم لأنه كان بالجوع ملتصقًا منثنيًا. وفيه: ماكان السلف عليه من الصبر من التقلل وشظف العيش والرضا ياليسير من الدنيا، ألا ترى أن أبا هريرة لم يكن له هم إلا سد عمر جوعته فقط فلما سقاه النبى حتى روى أقنعه ذلك ولم يطلب سواه، ودل ذلك على إيثارهم للبلغة من الدنيا وطلبهم للكفاية، ألا ترى قول أبى هريرة: (ما شبع آل محمد من طعام ثلاثًا حتى قبض) وسيأتى معنى هذا الحديث والآحاديث المعارضة له فى باب ماكان النبى عليه السلام وأصحابه يأكلون، إن شاء الله. وفيه: سد الرجل خله أخيه المؤمن إذا علم منه حاجة من غير أن يسأله ذلك. وفيه أنه كان من عادتهم إذا استقر أحدهم صاحبه القرآن أن يحمله إلى بيته ويطعمه ماتيسر عنده، والله أعلم لم لم يحمل عمر أبا هريرة حين استقرأه أبو هريرة ألشغل كان به أو لأنه لم يتيسر له حيئذ مايطعمه. وقد روى عن أبى هريرة أنه قال: والله مااستقرأت عمر الآية، وأنا أقأ بها منه إلا طعمًا فى أن يذهب بى ويطعمنى. وفيه: الحرص على أفعال البر لتأسف عمر على مافاته من حمل أبى هريرة إلى بيته وإطعامة؛ إذ كان محتاجًا إلى الأكل، وأن ذلك كان أحب اليه من حمر النعم.