(كان لابد فاعلا فليقل اللهم توفنى ما كانت الوفاة خيرًا لى) . وأما حديث عمر وعلى ففيها بيان معنى نهيه عليه السلام عن تمنى الموت وأن المراد بذلك إذا نزل بالمؤمن ضر أو ضيق فى دنياه فلا يتمنى الموت عند ذلك، فأما إذا خشى أن يصاب فى دينه فمباح له أن يدعو بالموت قبل مصابه بدينه، ويشهد لصحة هذا قوله عليه السلام: (وإذا أردت بالناس قتنة، فأقبضنى إليك غير مفتون) فاستعمل عمر هذا المعنى حين خشى عند كبر سنه وضعف قوته أن يعجز عن القيام بما فرض الله عليه من أمر الأمة أو أن يفعل مايلام عليه فى الدنيا والآخرة، فلذلك قال: فاقبضنى إليك غير عاجز ولاملوم، فأجاب الله دعاءه وأماته قبل انسلاخ الشهر. وكذلك خشى على بن أبى طالب من سآمته لرعيته وسآمتهم له أن يحملهم ذلك على مايئول إلى سخط الله وإلى مالا يرقع فتقه، فكان ذلك من قبلهم فقتلوه وتقلدوا دمه وباءه وبإثمه وهو إمام عدل بر تقى لم يأت مايستحق عليه التأنيب فضلا عن غيره؛ فلذلك سأل الله أن يريحه منهم فليس فى شىء من ذلك تعارض ولا اختلاف، بل كل ذلك يفسر بعضه بعضًا. وقول خباب: (إن المسلم ليؤجر فى كل شىء ينفقه إلا فى شىء يجعله فى هذا التراب) يعنى البنيان، ومعنى الحديث أن من بنى مايكنه ولا غنى به عنه فلا يدخل فى معنى الحديث بل هو مما يؤجر فيه، وإنما أراد خباب من بنى مايفضل عنه ولا يضطر إليه فذلك الذى لا يؤجر عليه لأنه من التكاثر الملهى لأهله.