مسعود. والثالثة: جواز التيمم لأهل البرد. والرابعة: أن المتيمم يصلى بالمتطهرين. وأيضًا فإن الرخص كلها تستباح بلحوق المشقة، ولا تقف على خوف التلف، كالفطر، وترك القيام فى الصلاة، فإن المريض يفطر إذا شق عليه الصوم، ولا يقال له: لا تفطر حتى تخاف التلف، وكذلك المضطر إلى أكل الميتة، إذا لحقه الجوع الشديد، وإن لم يخف التلف. وأجمع الفقهاء أن المسافر إذا كان معه ماء وخاف العطش أنه يُبقى ماءه للشرب ويتيمم. وأجمعوا أن الجنب يجوز له التيمم، إلا ما روى عن عمر، وابن مسعود أنهما لا يجيزان التيمم للجنب، لقوله تعالى: (وإن كنتم جنبًا فاطهروا) [المائدة: 6] ، وقوله: (ولا جنبًا إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا) [النساء: 43] ، وقد روى مثل هذا عن ابن عمر، واختلف فيه عن علىّ. وخفيت عليهم السنة فى ذلك من رواية عمار، وعمران، وإنما استراب عمر عمارًا فى ذلك، لأنه كان حاضرًا معه، فلم يذكر القصة وأنسيها، فارتاب، ولم يقنع بقوله، وكان عمر وابن مسعود لما كان من رأيهما أن الملامسة فى الآية هى ما دون الجماع، وكان التيمم فى الآية يعقب الملامسة منعا الجنب التيمم، ورأيا أن التيمم إنما جعل بدلاً من الوضوء، ولم يجعل بدلاً من الغسل، فكان من رأى ابن عباس، وأبى موسى: أن الملامسة فى الآية الجماع، فأجازا للجنب التيمم، ألا ترى أن أبا موسى حاجَّ ابن مسعود بالآية التى فى سورة النساء، فإن الملامسة فيها الجماع، فلم يدفعه ابن مسعود عن ذلك، ولا قدر أن يخالفه فى تأويله للآية فلجأ إلى قوله أنه لو رخص لهم فى هذا كان أحدهم إذا برد عليه الماء تيمم، وقد ذكر ابن أبى شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبى سنان، عن الضحاك قال: رجع عبد الله عن قوله فى تيمم الجنب ولم يتعلق أحد من فقهاء الأمصار، من قال: إن الملامسة الجماع، ومن قال: إنها دون الجماع، بقول عمر وابن مسعود، وصاروا إلى حديث عمار وعمران بن حصين فى ذلك، إلا إنهم اختلفوا، ثم أجازوا للجنب التيمم، فمن قال: الملامسة الجماع أوجب التيمم بالقرآن، وهو قول