على خالق حكيم، وجعل فى حركات ما خلق دليلا على فناء هذا العالم وبطلانه خلافًا للدهرية التى تعبد الدهر وتزعم أنه لا يفنى، فأبقى الله هذا النقص دلاله على بطلان قولهم، لأنه إذا جاز النقص فى البعض جاز الفناء فى الكل. وأما قوله (صلى الله عليه وسلم) : (خلق الله آدم على صورته) فإن العلماء اختلفوا فى رجوع الهاء من (صورته) إلى من ترجع الكناية بها. قال ابن فورك: فذهب طائفة إلى أن الهاء من (صورته) راجعة إلى آدم - عيله السلام - وأفادنا بذلك عليه السلام إبطال قول الدهرية أنه لم يكن قط إنسان إلا من نطفة، ولا نطفة إلا من إنسان فيما مضى ويأتى، وليس لذلك أول ولا آخر، فعرفنا عليه السلام تكذيبهم، وأن أول البشر هو آدم خلق على صورته التى كان عليها من غير أن كان نطفه قبله أو عن تناسل، ولم يكن قط فى صلب ولا رحم، ولا خلق علقه ولا مضغة، ولا طفلاً، ولا مراهقًا، بل خلق ابتداء بشرًا سويًا كما شوهد. وقد قال آخرون: المعنى فى رجوع الهاء إلى آدم تكذيب القدرية، لما زعمت أن من صور آدم وصفاته ما لم يخلقه الله، وذلك أن القدرية تقول: إن صفات آدم على نوعين منها ما خلقها الله، ومنها ما خلقها صورته وصفاته وأعراضه. وقال آخرون: يحتمل أن يكون رجوع الهاء إلى آدم وجهًا آخر على أصول أهل السنة أن الله خلق السعيد سعيدًا والشقى شقيا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015