غير موضعه؛ لأنه كان يجب عليه الاعتراف بالعبودية والإقرار بالربوبية لله تعالى حين أخرجه من العدم إلى الوجود، وخلقه من قبل ولم يك شيئًا، ومنَّ عليه بالإسلام والصحة والرزق إلى سائر نعمه التى لا تحصى. وقد ذكر بعض المفسرين فى قوله تعالى: (وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) [لقمان: 20] أن رجلا من العباد عد نفسه فى اليوم والليلة، فوجد ذلك أربعة عشر ألف نفس، فكم يرى لله على عباده من النعم فى غير النفس مما يعلم ومما لا يعلم، ولا يهتدى إليه، وقد أخبر الله تعالى أن من بدل نعمة الله كفرًا فهو صال فى جهنم، فقال تعالى: (ألم ترى إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار) [إبراهيم: 28، 29] . قال المهلب: وأما حديث ابن مسعود فمعناه: من أحسن فى الإسلام بالتمادى عليه ومحافظته، والقيام بشروطه؛ لم يؤاخذ بما عمل فى الجاهلية، وأجمعت الأمة أن الإسلام يَجُبُّ ما قبله. وأما قوله: (من أساء فى الإسلام) فمعناه: من أساء فى عقد الإسلام والتوحيد، بالكفر بالله، فهذا يؤخذ بكل كفر سلف له فى الجاهلية والإسلام، فعرضت هذا القول على بعض العلماء فأجازوه، وقالوا: لا معنى لحديث ابن مسعود غير هذا، ولا تكون هذه الإساءة إلا الكفر؛ لأجماع الأمة أن المؤمنين لا يؤاخذون بما عملوا فى الجاهلية.