من بعد ما ينتصف الناس بعضهم من بعض، ولا تبقى تباعة إلا لله تعالى بالصلاة. وأما قوله (صلى الله عليه وسلم) للمقداد: (فإنك بمنزلته قبل أن يقولها) فقد فسره حديث ابن عباس الذى فى آخر الباب، ومعناه أنه يجوز أن يكون اللائذ بالشجرة القاطع لليد مؤمنًا يكتم إيمانه مع قوم كفار غلبوه على نفسه، فإن قتلته فأنت شاك فى قتلك إياه أن ينزله الله من العمد والخطأ، كما هو مشكوكًا فى إيمانه لجواز أن يكون يكتم إيمانه، وكذلك فسره المقداد كما ففهمه من النبى (صلى الله عليه وسلم) فقال: كذلك كنت أنت بمكة تكتم إيمانك، وأنت مع قوم كفار فى جملتهم وعددهم مكثرًا ومحزبًا، فكذلك الذى لاذ بالشجرة وأظهر إيمانه لعله كان ممن يكتم إيمانه وهذا كله معناه النهى عن قتل من شهر بالإيمان. فإن قيل: كيف قطع اليد وهو ممن يكتم إيمانه؟ قيل: إنما دفع عن نفسه من يريد قتله، فجاز له ذلك، كما جاز للمؤمن إذا أراد أن يقتله مؤمن أن يدفع عن نفسه من يريد قتله، فإن اضطره الدفع عن نفسه إلى قتل الظالم دون قصد إلى إرادة قتله فهو هدر؛ فلذلك لم يقد (صلى الله عليه وسلم) من يد المقداد كما لم يقد قتيل أسامة؛ لأنه قتله متأولا، ويحتمل قوله (صلى الله عليه وسلم) : (فإنه بمنزلتك قبل أن تقتلله) وجهًا آخر: أنه مغفور له بشهادة التوحيد كما أنت مغفور لك بشهود بدر. وقوله: (فأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته) يعنى أنك قاصد لقتله