قال المهلب: معنى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (أتعجبون من غيرة سعد؟ والله أغير منى) يدل على وجود القود فيمن قتل رجلا وجده مع امرأته لأن الله تعالى وإن كان أغير من عباده فإنه قد أوجب الشهود فى الحدود فلا يجوز لأحد أن يتعدى حدود الله، ولا يسفك دمًا بدعوى. وقد روى مالك هذا المعنى فى حديث سعد بينًا، روى مالك، عن سهيل بن أبى صالح، عن أبيه، عن أبى هريرة: (أن سعد بن عبادة قال: يا رسول الله، أرأيت إن وجدت مع امرأتى رجلا أمهله حتى آتى بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : نعم) ففى هذا من الفقه قطع الذرائع والتسيب إلى قتل الناس والادعاء عليهم بمثل هذا وشبهه، وفى حديث سعد من رواية مالك: النهى عن إقامة الحدود بغير سلطان وبغير شهود؛ لأن الله تعالى عظم دم المسلم وعظم الإثم فيه، فلا يحل سفكه إلا بما أباحه الله به، وبذلك أفتى على بن أبى طالب فيمن قتل رجلا وجده مع امرأته فقال: إن لم يأت بأربعة شهداء؛ فليعط برمته. أى يسلِّم برمته للقتل، وعلى هذا جمهور العلماء. وقال الشافعى وأبو ثور: يسعه فيما بينه وبين الله قتل الرجل وامرأته إن كانا ثيبين وعلم أنه قد نال منها ما يوجب الغسل ولا يسقط عنه القود فى الحكم. وقال أحمد بن حنبل: إن جاء ببينة أنه وجده مع امرأته وقتله يهدر دمه إن جاء بشاهدين. وهو قول إسحاق وهذا خلاف قوله فى حديث مالك: (أمهله حتى آتى بأربعة شهداء؟ قال: نعم) وقال ابن حبيب: إذا كان المقتول محصنًا، فالذى ينجى قاتله من القتل أن يقيم أربعة شهداء أنه فعل بامرأته، وأما إن كان المقتول غير محصن فعلى قاتله القود، وإن أتى بأربعة شهداء، هذا وجه الحديث عندى،