وكذلك لو أقرت هى، وأنكر هو، وقال أبو حنيفة والأوزاعى: عليه حد القذف، ولا حد عليه للزنا. وقال أبو يوسف ومحمد والشافعى: من أقر منهما فإنما عليه حد الزنا فقط. والحجة لقول مالك أن حد الزنا واجب عليه بإقراره، وليس إقراره دليلا على صدقه على المقذوف؛ لأنا لو علمنا صدقه بالبينة أو بإقرار المرأة لم يجب عليه الحد، فلما لم يكن إلى البينة ولا إلى إقرار المرأة سبيل وجب لها أن تطلب حقها من القاذف، كما لو أقر رجل أن زوجته أخته لحرمت عليه ولم يثبت نسبها بقوله وحده. والحجة لأبى حنيفة والأوزاعى، أنه لما قذفها ولم يأت بأربعة شهداء لزمه حد القذف لقوله تعالى: (والذين يرمون المحصنات) [النور: 4] الآية، فلما حد لها استحال أن يحد فى الزنا لحكمنا لها بالإحصان، وأيضًا فإنه لا يجوز أن يجتمع حدان أبدًا، فإذا اجتمعا ثبت ألزامهما، وإنما كان عنده حد القذف ألزم من حد الزنا؛ لأن من أقر على نفسه بالزنا ثم رجع فإنه يقبل رجوعه، ومن قذف أحدًا لم ينفعه الرجوع، وكذلك من وجب عليه حد الزنا والقذف وكان عليه القتل؛ فإنه يحد للقذف ويقتل ولا يحد للزنا. والحجة لأبى يوسف ومحمد والشافعى أنا قد أحطنا علمًا أنه لا يجب عليه الحدان جميعًا؛ لأنه إن كان زانيًا فلا حد عليه للقذف، وإن كان قاذفًا لمحصنة فليس بزانٍ، وهو قاذف فحُد للقذف، وإنما وجب عليه حد الزنا؛ لأن من أقر على نفسه وعلى غيره لزمه ما أقر به على نفسه، وهو مدعٍ فيما أقر به على غيره، فلذلك لم يقبل قوله عليها، ويؤخذ بإقراره على نفسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015