بكر له بعد أن قال: (قد رضيت لكم أحد الرجلين) دليل على أنه لم يحل له أن يتخلف عما قدمه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالدليل من الصلاة، وهى عمدة الإسلام، وبقوله للمرأة: (إن لم تجدينى فائتى أبا بكر) . فإن قيل: كيف جاز له أن يجعل الأمر لأحد هذين الرجلين، وقد علم بالدليل الواضح استخلاف النبى (صلى الله عليه وسلم) له؟ قيل: ليس فى قوله ذلك تخلية له من الأمر إذ كان الرضى موقوفًا إليه والاختيار، وليس ذلك بمخرجه أن يرضى نفسه أهلا له، وإنما تأدب إذ لم يقل رضيت لكم نفسى، فلم يجز أحدهما أن يرى نفسه أهلا لها فى زمن فيه أبو بكر. وقد روى أن عمر قال لهم: (أيكم تطيب نفسه أن يؤخر أبا بكر عن مقام أقامه فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ فقال الأنصار بجمعهم: لا، وكذلك قال عمر: (إنّا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمرنا أقوى من مبايعة أبى بكر) يعنى فى قطع الخلاف، وبرضى الجماعة به، وإقرارهم بفضله. وقوله: (ونزونا على سعد بن عبادة) أى درسناه ووثبنا عليه فى متابعتهم إلى البيعة، والنزوان: الوثوب. وفيه الدعاء على من تخشى منه الفتنة. وقال الخطابى: معنى قوله: (قتل الله سعدًا) : أى اجعلوه كمن قتل، واحسبوه فى عدد من مات، ولا تعتدوا بمشهده، وذلك أن سعدًا أراد فى ذلك المقام أن ينصب أميرًا على قومه،