وأما إنكار سعيد عليه فلعلمه باستقرار الأمور من الفرائض والسنن عندهم وقوله: (فمن عقلها ووعاها فليحدث بها) يعنى على حسب ما وعى وعقل. وفيه: الحض لأهل الضبط والفهم للعلم على تبليغه ونشره. وفى قوله: (ومن خشى ألا يعقلها فلا أحل له أن يكذب علىَّ) . النهى لأهل التقصير والجهل عن الحديث بما لم يعلموه ولا ضبطوه، وإدخاله فى هذا الحديث آية الرجم وأنها نزلت على النبى (صلى الله عليه وسلم) وقرئت وعمل بها. ثم قوله: (لا ترغبوا عن آبائكم) أنه كان أيضًا من القرآن ورفع خطه، فمعنى ذلك أنه لا يجب لأحد أن يتنطع فيما لا نص فيه من القرآن، وفيما لا يعلم من سنته (صلى الله عليه وسلم) . ويتسور برأيه فيقول ما لا يحل له مما سولت له نفسه الأمارة بالسوء، وبما نزغ به الشيطان فى قلبه حتى يسأل أهل العلم بالكتاب والسنة عنه كما تنطع الذى قال: (لو مات عمر لبايعت فلانًا) لما لم يجد الخلافة فى قريش مرسومة فى كتاب الله فعرفه عمر أن الفرائض والسنن والقرآن منه ما ثبت حكمه عند أهل العلم به ورفع خطه فلذلك قدم عمر هاتين القصتين اللتين لا نص لهما فى كتاب الله، وقد كانتا فى كتاب الله ولا يعلم ثبات حكمها إلا أهل العلم كما لايعرف أهل بيت الخلافة ولمن تجب إلا من عرف مثل هذا الذى يجهله كثير من الناس. وقوله: (أخشى إن طال بالناس زمان) فيه دليل على دروس العلم