واحتج عليهم الآخرون فقالوا: قد قال (صلى الله عليه وسلم) : (اغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) ولم يقل له إن اعترفت أربعًا، فلا معنى لاعتبار العدد فى الإقرار، وأيضًا فإنه لا يدل على مخالفة الزنا لسائر الحقوق فى أنه مخصوص بأربعة شهداء على مخالفته فى الإقرار؛ لأن القتل مخالف للأموال فى الشهادات فلا يقبل فى القتل إلا شاهدان، ويقبل فى الأموال شاهد وامرأتان، ثم اتفقا فى باب الإقرار أنه يقبل فيه إقرار مرة. ولو وجب اعتبار الإقرار بالشهادة لوجب ألا يقبل فى الموضع الذى يقبل فيه شاهدان إلا إقرار مرتين. وقد أجمع العلماء أن سائر الإقرارات فى الشرع يكتفى فيها مرة واحدة، وإن أقر بالردة مرة واحدة يلزمه اسم الكفر، والقتل واجب عليه فلزم فى الزنا مثله. فإن قالوا: فلم لم يُقم النبى (صلى الله عليه وسلم) الحد بإقراره أول مرة؟ قيل: فائدة الخبر أنه (صلى الله عليه وسلم) لما رآه مختل الصورة فزعًا أراد التثبيت فى أمره هل به جنة أم لا، مع أنه كره ما سمع منه فأعرض عنه رجاء أن يستر على نفسه، ويتوب إلى الله، ألا ترى أنه لقنه فقال: (لعلك لمست أو غمزت) فلا معنى لاعتباره العدد فى الإقرار. وقوله: جمز أى: أسرع يهرول، وقال بعض السلف لرجل: اتق الله قبل أن يجمز بك. يريد المشى السريع فى جنازته. وقال الكسائى: الناقة تعدو الجمز وهو العدو الذى نثر وقال رؤبة: فإن تريننى اليوم جمزى