من وجب قطع يده فى حد من الحدود فالعلماء مجمعون أنه لابد من حسمها؛ لأنه أقرب إلى البر وأبعد من التلف. قال ابن المنذر: وقد روى عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه أمر بقطع يد رجل سرق ثم قال: (احسموها) وفى اسناده مقال. واختلف العلماء فى فعل النبى (صلى الله عليه وسلم) بالعرنيين فقالت طائفة من السلف: كان هذا قبل نزول الآية فى المحاربين، ثم نزلت الحدود بعد ذلك على النبى (صلى الله عليه وسلم) ونهى عن المثلة فنسخ ذلك حديث العرنيين، روى هذا عن ابن سيرين وسعيد بن جبير وأبى الزناد. وقالت طائفة: حديث العرنيين غير منسوخ، وفيهم نزلت آية المحاربين، وإنما فعل النبى (صلى الله عليه وسلم) بهم ما فعل قصاصًا؛ لأنهم فعلوا بالرعاء مثل ذلك، ذكره أهل السير. وروى محمَّد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: أن العرنيين قتلوا يسارًا راعى النبى (صلى الله عليه وسلم) ثم مثلوا به واستاقوا اللقاح. وذكر ابن إسحاق قال: حدثنى بعض أهل العلم عمن حدثه، عن محمد بن طلحة، عن عثمان بن عبد الرحمن قال: (أصاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى غزوة محارب بنى ثعلبة عبدًا يقال له يسار، فجعله فى لقاح له يرعى فى ناحية الحمى فخرجوا إليها، فقدم إلى النبى (صلى الله عليه وسلم) نفر من قيس بعطية من نخيلة فاستوبئوا وطحلوا، فأمرهم أن يخرجوا إلى اللقاح يشربوا من أبوالها وألبانها،