المسلمين يسعى فى الأرض بالفساد ويقطع الطريق، هذا قول مالك والكوفيين والشافعى وأبى ثور إلا أن بعض هؤلاء يقول إن حد المحارب على قدر ذنبه على ما يأتى تفسيره فى هذا الباب. وليس قول من قال: إن الآية وإن كانت نزلت فى المسلمين مناف فى المعنى لقول من قال إنها نزلت فى أهل الردة والمشركين؛ لأن الآية وإن كانت نزلت فى المرتدين بأعيانهم فلفظها عام يدخل فى معناه كل من فعل مثل فعلهم من المحاربة والفساد فى الأرض، ألا ترى أن الله جعل قصر الصلاة فى السفر بشرط الخوف ثم ثبت القصر للمسافرين وإن لم يكن خوف لما يجمعهما فى المعنى. قال إسماعيل بن إسحاق: وظاهر كتاب الله وما مضى عليه عمل المسلمين يدل أن هذه الحدود نزلت فى المسلمين؛ لأن الله تعالى يقول: (إذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب) [محمد: 4] وقال: (وقاتلوا المشركين كافة) [التوبة: 36] . فلم يذكر فيهم إلا القتل والقتال؛ لأنهم إنما يقاتلون على الديانة لا على الأعمال التى يعملونها من سرق أو قطع طريق أو غيره، وإذا ذكرت الحدود التى تجب على الناس من الحرابة والفساد فى الأرض أو السرقة وغيرها لم تسقط عن المسلمين؛ لأنها إنما وجبت من طريق أفعال الأبدان لا من طريق اعتقاد الديانات. ولو كان حد المحارب فى الكافر خاصة لكانت الحرابة قد نفعته فى أمر دنياه لأنا نقتله بالكفر. فإن كان إذا أحدث الحرابة مع الكفر جاز لنا أن نقطع يده ورجله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015