قال عطاء، وقال بعض أصحاب الظاهر: لا يجب أن يقطع من السارق إلا الأيدى دون الأرجل، واحتج عطاء بقول الله تعالى: (السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) [المائدة: 38] ولو شاء أمر بالرجل وما كان ربك نسيا. وحجة الكوفيين ما رواه إسماعيل بن جعفر، عن أبيه أن على بن أبى طالب كان لا يزيد أن يقطع للسارق يدًا أو رجلا فإذا أتى به بعد ذلك قال: إنى لأستحى أن لا يتطهر للصلاة ولكن امسكوا كلبه عن المسلمين بالسجن وأنفقوا عليه من بيت المال. والحجة لمالك أن أهل العراق والحجاز يقولون بجواز قطع الرجل بعد اليد وهم يقرءون) فاقطعوا أيديهما) [المائدة: 38] وهذه المسألة تشبه المسح على الخفين وهم يقرءونه غسل الرجلين أو مسحهما، وتشبه الجزاء فى قتل صيد الخطأ وهم يقرءونه) ومن قتله منكم متعمدًا) [المائدة: 95] ولا يجوز على الجمهور تحريف الكتاب ولا الخطأ فى تأويله، وإنما قالوا ذلك بالسنة الثابتة والأمر المتبع. وقال إسماعيل بن إسحاق: لما قال الله: (فاقطعوا أيديهما) [المائدة: 38] فأجمعوا أن يده تقطع، ثم إن سرق بعد ذلك قطع منه شىء آخر، فدل على أن المذكور فى القرآن إنما هو على أول حكم يقع عليه فى السرقة، وأنه إن سرق بعد ذلك أعيد عليه الحكم كما يحد إذا زنا وهو بكر، فإذا أعاد الزنا أعيد عليه الحد فإذا صح هذا وجب أن يقطع أبدًا حتى لا يبقى له يد ولا رجل كما يجلد أبدًا حتى لا يبقى فيه موضع جلد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015