(لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده) على ظاهر ما نزل الله عليه فى ذلك الوقت، ثم أعلمه الله أن القطع لا يكون إلا فى ربع دينار فما فوقه على ما رواه الزهرى، عن عمرة، عن عائشة قالت: سمعت النبى (صلى الله عليه وسلم) يقول: (لا قطع إلا فى ربع دينار فصاعدًا) ولم يكن يعلم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من حكم الله إلا ما أعلمه الله وما كان الله عرفه ذلك جملة؛ بل كان ينزل عليه شيئًا بعد شىء ويأتيه جبريل بالسنن كما يأتيه بالقرآن، ولذلك قال (صلى الله عليه وسلم) : (أوتيت الكتاب ومثله معه) يعنى من السنن. وأما قول الأعمش: إن البيضة فى هذا الحديث بيضة الحديد التى تغفر الرأس فى الحرب، وأن الحبل من حبال السفن فهذا تأويل لا يجوز عند من يعرف صحيح كلام العرب؛ لأن كل واحد من هذين يبلغ دنانير كثيرة. وهذا ليس موضع تكثير لما يسرقه السارق ولا من عادة العرب والعجم أن يقولوا: قبح الله فلانًا عرض نفسه للضرب فى عقد جوهر وتعرض للعقوبة بالغلول فى جراب مسك، وإنما العادة فى مثل هذا أن يقال: لعنه الله تعرض لقطع اليد فى حبل رث أو كُبة شعر أو رداء خلق، وكل ما كان من هذا الفن كان أبلغ. قال المؤلف: وقوله فى الترجمة باب لعن السارق إذا لم يُسم كذا فى جميع النسخ، والذى يستوحى من معناه إن صح فى الترجمة أنه لا ينبغى تعيير أهل المعاصى ومواجهتهم باللعنة، وإنما ينبغى أن يلعن فى الجملة من فعل أفعالهم ليكون ذلك ردعًا وزجرًا عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015