وروى ابن المنذر هذا الحديث وقال فيه بعد قوله: لا تعينوا عليه الشيطان (ولكن قولوا: اللهم اغفر له) . قال المهلب: فى هذا الحديث بيان قوله (صلى الله عليه وسلم) : (لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن) يريد وهو مستكمل الإيمان، وليس بخارج من الملة بشربها ولا بمعصية من المعاصى؛ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) قد شهد للشارب بحب الله ورسوله وبالإسلام، وقال فيه: (لا تعينوا الشيطان على أخيكم) . فسماه أخًا فى الإسلام، وأمرهم أن يدعوا له بالمغفرة والرحمة. قال المؤلف: بيان قوله (صلى الله عليه وسلم) : (لا يشرب الخمرحين يشربها وهو مؤمن) قال: فإن قيل: هذا الحديث معارض لما روى عن النبى (صلى الله عليه وسلم) : (أنه لعن شارب الخمر وعاصرها ومعتصرها) ولعن كثيرًا من أهل المعاصى منهم من ادعى إلى غير أبيه وانتمى إلى غير مواليه، ولعن المصور وجماعة يكثر عددهم. قيل: لا تعارض بين شىء من ذلك بحمد الله، ووجه لعنته لأهل المعاصى يريد الملازمين لها غير التائبين منها ليرتدع بذلك من فعلها وسلك سبيلها، والذى نهى (صلى الله عليه وسلم) عن لعنه فى هذا الباب قد كان أخذ منه حد الله الذى جعله تطهيرًا من الذنوب فحصل فى حالة مهيئة للتوبة ورجا له التمادى على ما حصل له من التطهير وبركة أمره (صلى الله عليه وسلم) أصحابه بالدعاء له. فنهى عن لعنه خشية أن يوقع الشيطان فى قلبه أن من لعن بحضرة النبى (صلى الله عليه وسلم) ولم يغير ذلك ولا نهى عنه فإنه مستحق العقوبة فى الآخرة فينفره بذلك ويغويه.