وقال آخرون: ينزع منه الإيمان فيزول عنه اسم المدح الذى يُسمى به أولياء الله المؤمنون، ويستحق اسم الذم الذى يسمى به المنافق فيوسم به ويقال له منافق وفاسق. روى هذا عن الحسن قال: النفاق نفاقان: تكذيب محمد فهذا لا يغفر، ونفاق خطايا وذنوب يرجى لصاحبه. وعن الأوزاعى قال: كانوا لا يكفرون أحدًا بذنب ولا يشهدون على أحد بكفر ويتخوفون نفاق الأعمال على أنفسهم. قال الوليد بن مسلم: ويصدق قول الأوزاعى أنه كان من قول السلف ما حدثنا الأوزاعى، عن هارون بن رئاب: (أن عبد الله بن عمر قال فى مرضه: زوجوا فلانًا ابنتى فلانة، وإنى كنت وعدته بذلك وأنا أكره أن ألقى الله بثلث النفاق) وما حدثناه عن الزهرى، عن عروة: (أنه قال لابن عمر: الرجل يدخل منا على الإمام فيراه يقضى بالجور فيسكت وينظر إلى أحدنا فيثنى عليه بذلك، فقال عبد الله: أما نحن معاشر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكنا نعدها نفاقًا فلا أدرى كيف تعدونه) وعن حذيفة: (أنه سئل عن المنافق فقال: الذى يتكلم بالإسلام ولا يعمل به) . وحجة هذا القول أن النفاق إنما هو إظهار المرء بلسانه قولاً يبطن خلافه كنافقاء اليربوع الذى يتخذه كى إن طلبه الصائد من قبل مدخل قصَّع من خلافه، فمن لم يجتنب الكبائر من أهل التوحيد علمنا أن ما أظهره من الإقرار بلسانه خداع للمؤمنين فاستحق اسم النفاق. ويشهد لذلك قوله (صلى الله عليه وسلم) : (ثلاث من علامات المنافق، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) .