وقال مالك والشافعى: يستأنف الوضوء والصلاة ولا يبنى، وحجتهما قوله (صلى الله عليه وسلم) : (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) وقوله: (لا صلاة إلا بطهور) . قال ابن القصار: ولا يخلو فى حال انصرافه من الصلاة وقد أحدث أن يكون مصليًا أو غير مصل، فبطل أن يكون مصليًا؛ لقوله: (لا صلاة إلا بطهور) وهذا غير متوضئ فلا يجوز له البناء، وكل حدث منع من ابتداء الصلاة منع من البناء عليها، يدل على ذلك أنه لو سبقه المنى فى الصلاة لا يستأنف، كذلك غيره من الأحداث. وقد اتفقنا على أنه ممنوع من المضى فيها من أجل الحدث فوجب أن يمنع من البناء عليها؛ فإن احتجوا بالراعف أنه يبنى. قيل: الرعاف عندنا لا ينافى حكم الطهارة، والحدث ينافيها، ألا ترى أنه فى غير الصلاة لو تعمد الرعاف لم تنتقض طهارته كما لو بدره. والحدث على الوجهين ينفى حكم الطهارة، ألا ترى أنكم لم تفرقوا بين عمد الحدث وسبقه فى نقض الطهارة، وفرقتم بين تعمد المنى والرعاف وغلبته فى الصلاة، وفرقتم بين الأحداث فى الصلاة فقلتم: إذا غلبه المنى اغتسل واستأنف وإذا غلبه الحدث الأصغر بنى على صلاته. وفرقنا نحن بين الحدث وما ليس بحدث، وهذا الحديث أيضًا يرد قول أبى حنيفة أن من قعد فى الجلسة الآخرة مقدار التشهد ثم أحدث فصلاته تامة، وذهب إلى أن التحلل من الصلاة يقع بما يضادها من قول أو فعل ولا يتعين بالسلام، وخالفه سائر العلماء وقالوا: لا تتم الصلاة إلا بالسلام منها، ولا يجوز التحلل منها بما يفسدها إذا اعترض فى خلالها على طريق النسيان، كالحج لا يجوز أن يقع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015