ضرب أنه يحلف ولا حنث عليه، وهو قول الشافعى وأبى ثور وأكثر العلماء، وحجة الكوفيين أن المكره كان له أن يورى فى يمينه، ولما لم يور ولا ذهب بنيته إلى خلاف ما أكره عليه؛ فقد قصد إلى اليمين، ولو لم يد أن يحلف لورّى؛ لأن الأعمال بالنيات، فلذلك لزمته اليمين. وحجة من لم يلزمه اليمين أنه إذا أكره على اليمين فنيته مخالفة لقوله؛ لأنه كاره لما حلف عليه ولأن اليمين عندهم على نية الحالف، وأنه حلف على ما لم يرده ولا قصده بنيته، وكل عمل لا نية فيه غير لازم، ولا يصح الإكراه إلا أن يكون الفعل فيه مخالفًا للنية والقصد. وقد روى سليمان بن ميسرة، عن النزال بن سبرة قال: التقى عثمان وحذيفة عند باب الكعبة فقال له عثمان: أنت القائل الكلمة التى بلغتنى؟ فقال: لا والله ما قلتها. فلما خلونا به قلنا له: يا أبا عبد الله، حلفت له وقد قلت ما قلت. قال: إنى أشترى دينى بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله. وقال الحسن البصرى: أعطهم ما شاءوا بلسانك إذا خفتهم. وأما قول النخعى: إذا كان المستحلف ظالمًا فنية الحالف، وإن كان مظلومًا فنية المستحلف. فهو قول مالك؛ لأن النية عنده نية المظلوم أبدًا. وهو خلاف قول الكوفيين الذين يجيزون التورية فى الأعمال ويجعلون النية نية الحالف أبدًا. وسيأتى الكلام فى ذلك فى الباب بعد هذا إن شاء الله. فإن قال قائل: كيف يكون المستحلف مظلومًا؟ قال: إذا جحده رجل حقا له ولم تكن له نية فإن الجاحد يحلف له فتكون النية نية المستحلف؛ لأن الجاحد ظلمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015