قال المهلب: أما ما باعه المضغوط فى حق وجب عليه؛ فذلك ماض سائغ لا رجوع فيه عند الفقهاء؛ لأنه يلزمه أداء الحق إلى صاحبه من غير المبيع، فلما لم يفعل كان بيعه اختيارًا منه فلزمه. ووجه الاستدلال على هذه المسألة من هذا الحديث هو أن إخراج النبى (صلى الله عليه وسلم) اليهود حق؛ لأنه إنما فعل ذلك بوحى من الله، فأباح لهم بيع أموالهم فكان بيعهم جائزًا؛ لأنه لم يقع الإكراه على البيع من أجل أعيان الشىء المبيع، وإنما وقع من أجل الذى لزمهم فى الخروج، فكذلك كان بيع من وجب عليه حق جائزًا، وأما بيع المكره ظلمًا وقهرًا فقال محمد بن سحنون: أجمع أصحابنا وأهل العراق على أن بيع المكره عل الظلم والجور لا يلزمه. وقال الأبهرى: إنه إجماع. وقال مطرف وابن عبد الحكم وأصبغ: وسواء وصل الثمن إلى المضغوط، ثم دفعه إلى الذى ألجأه إلى بيع ما باعه، أو كان الظالم هو تولى قبض الثمن من المبتاع؛ لأنه إنما يقبضه لغيره لا لنفسه، فإذا ظفر بمتاعه بيد من ابتاعه أو بيد من اشتراه من الذى ابتاعه فهو أحق به، ولا شىء عليه من الثمن، وليتراجع به الباعة بعضهم على بعض حتى يرجع المبتاع الأول على الظالم الذى وصل إليه الثمن، فإن فات المبتاع رجع بقيمته على الذى فات عنده، أو بالثمن الذى بيع به، أى ذلك كان أكثر.