أجمع العلماء أن من أكره على الكفر فاختار القتل أنه أعظم أجرًا عند الله ممن اختار الرخصة. واختلفوا فيمن أكره على غير الكفر من فعل ما لا يحل له فقال أصحاب مالك: الأخذ بالشدة فى ذلك، واختيار القتل والضرب أفضل عند الله من الأخذ بالرخصة. ذكره ابن حبيب وسحنون. وذكر ابن سحنون عن أهل العراق، أنه إذا تهدد بقتل أو بقطع أو ضرب يخاف منه التلف حتى يشرب الخمر أو يأكل الخنزير فذلك له، فإن لم يفعل حتى قتل أن يكون آثمًا، وهو كالمضطر إلى أكل الميتة وشرب الخمر غير باغ ولا عاد، فإن خاف على نفسه الموت فلم يأكل ولم يشرب أثم. وقال مسروق: من اضطر إلى شىء مما حرم الله عليه فلم يأكل ولم يشرب حتى مات دخل النار. قالوا: ولا يشبه هذا الكفر وقتل المسلم؛ لأن فى هذا رخصة وتركه أفضل، ولم يجعل فى الضرورة حلالا. قال سحنون: إذا لم يشرب الخمر ولا يأكل الخنزير حتى قتل كان أعظم لأجره كالكفر؛ لأن الله تعالى أباح له الكفر ضرورة الإكراه، وأباح له الميتة والدم بضرورة الحاجة إليهما، وأجمعا أن له ترك الرخصة فى قول الكفر، فكذلك يلزم مخالفنا أن يقول فى ترك الرخصة فى الميتة ولحم الخنزير، ولا يكون معينًا على نفسه. وقد تناقض الكوفيون فى هذا فقالوا كقولنا فى المكره توعد بقطع عضو أو قتل على أن يأخذ مالا لفلان فيدفعه إلى فلان أنه فى سعة من