والسلطان لا يقتله. واحتج الكوفيون بقوله (صلى الله عليه وسلم) : (ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: الطلاق، والعتاق، والنكاح) والهازل لم يقصد إيقاع الطلاق ولزمه، فالمكره كذلك. واحتج عليهم أهل المقالة الأولى فقالوا: إن الفرق بين طلاق الهازل وطلاق المكره أن الهازل قاصد للفظ، مؤثر له فلزمه حكمه، والمكره وإن قصد اللفظ فإنه لم يؤثره ولا اختاره فلم يتعلق به حكمه. ووجدنا الطلاق لا يلزم إلا بلفظ ونية، والمكره لا نية له إنما طلق بلسانه لا بقلبه، فلما رفع الله عنه الكفر الذى تكلم به مكرهًا ولم يعتقده وجب رفع الطلاق لرفع النية فيه. وقول مالك هو إجماع الصحابة ولا مخالف منهم. وأجمع المسلمون على أن المشركين لو أكرهوا رجلا على الكفر بالله بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان وله زوجة حرة مسلمة أنها لا تحرم عليه، ولا يكون مرتدا بذلك، والردة فرقة بائنة فهذا يقضى على اختلافهم فى طلاق المكره. واختلفوا فى حد الإكراه، فروى عن عمر بن الخطاب أنه قال: ليس الرجل أمينًا على نفسه إذا أخفته أو أوثقته أو ضربته. وقال ابن مسعود: ما كلام يدرأ عنى سوطين إلا كنت متكلمًا به. وقال شريح والنخعى: القيد كره، والوعيد كره، والسجن كره. قال ابن سحنون: وهذا كله عند مالك وأصحابه كره والضرب عندهم كره، وليس عندهم فى الضرب والسجن توقيت، إنما هو ما كان يؤلم من الضرب، وما كان من سجن يدخل منه الضيق على المكره قل أو كثر، فالضيق يدخل فى قليل السجن، وإكراه السلطان وغيره إكراه عند مالك.