المدينة، فأدركتهم قريش فى الطريق ففتنوهم على الكفر فكفروا مكرهين فنزلت: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) [النحل: 106] . أجمع العلماء على أن من أكره على الكفر حتى خشى على نفسه القتل أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان، ولا تبين منه زوجته، ولا يحكم عليه بحكم الكفر، هذا قول مالك والكوفيين والشافعى، غير محمد بن الحسن فإنه قال: إذا أظهر الشرك كان مرتدا فى الظاهر، وهو فيما بينه وبين الله على الإسلام وتبين منه امرأته، ولا يصلى عليه إن مات، ولا يرث أباه إن مات مسلمًا. وهذا قول تغنى حكايته عن الرد عليه لمخالفته للآيات المذكورة فى أول هذا الباب. وقالت طائفة: إنما جازت الرخصة فى القول، وأما فى الفعل فلا رخصة فيه مثل أن يكرهوه على السجود لغير الله، أو الصلاة لغير القبلة، أو قتل مسلم أو ضربه، أو أكل ماله، أو الزنا، أو شرب الخمر، وأكل الخنزير: روى هذا عن الحسن البصرى، وهو قول الأوزاعى وسحنون، قال الأوزاعى: إذا كره الأسير على شرب الخمر لا يفعل وإن قتله. وقال إسماعيل بن إسحاق: حدثنا نصر بن على: حدثنا عبد الأعلى، عن عوف، عن الحسن أنه كان لا يجعل فى النفس التى حرم الله التقية. وقال محمد بن الحسن: إذا قيل للأسير اسجد لذلك الصنم وإلا قتلناك فقال: إن كان الصنم مقابل القبلة فليسجد وتكون نيته لله تعالى وإن كان لغير القبلة فلا يسجد وإن قتلوه. وقالت طائفة: الإكراه فى الفعل والقول سواء إذا أسر الإيمان.