اجتمعوا عليه، وأن المفضول منهم لا ينزل، والتقدم على الفاضل، ولا يتكلم فى منزلة غيره أحق بها منه، وكان مع ذلك عالمًا برضا الأمة بمن رضى به النفر الستة؛ إذ كان الناس لهم تبعًا وكانوا للناس أئمة وقادة، لا أنه كان يرى للمفضول منهم حقا مع الفاضل فى الإمامة. وفيه أيضًا: الدلالة على بطلان ما قاله أهل الإمامة من أنها فى الخيار وأشخاص قد وقف عليها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمته فلا حاجة بهم إلى التشاور فيمن يقلدوه أمرها، وذلك أن عمر جعلها شورى فى النفر الستة ليجتهدوا فى أولاهم بها، فلم ينكر ذلك أحد من النفر الستة، ولا من غيرهم من المهاجرين والأنصار، ولو كان فيهم ما قد كان وقف عليه رسول الله بعينه ونصب لأمته كان حريًا أن يقول منهم قائل: ما وجه التشاور فى أمر قد كفيناه ببيان الله لنا على لسان رسوله؟ وفى تسليم جميعهم له ما فعله ورضاهم به أبين البيان، وأوضح البرهان على أن القوم لم يكن عندهم من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى شخص بعينه عهد، وأن الذى كان عندهم فى ذلك من عهده إليهم كان وقفًا على موصوف بصفات، يحتاج إلى إدراكها بالاجتهاد والاستنباط، فرضوا وسلموا له ما فعل من رده الأمر فى ذلك إلى النفر، وكانوا يومئذ أهل الأمانة على الدين وأهله. وفيه الدلالة الواضحة على أن الجماعة الموثوق بأديانهم ونصحتهم للإسلام وأهله، إذا عقدوا عقد الخلافة لبعض من هو من أهلها على تشاور منهم واجتهاد؛ فليس لغيرهم من المسلمين حل ذلك العقد ممن لم يحضر عقدهم وتشاورهم إذ كانوا العاقدين قد أصابوا الحق فيه، وذلك أن عمر أفرد فى النظر للأمر النفر الستة ولم يجعل لغيرهم فيما فعلوا اعتراضًا، وسلم ذلك من فعله جميعهم، ولم ينكره منهم منكر، ولو كان العقد فى ذلك لا يصح إلا باجتماع الأمة، لكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015