البينة، ولا على من استتر فى البلد، ولكنه يأتى من عند القاضى من ينادى على بابه ثلاثة أيام فإن لم يحضر أنفذ عليه القضاء. واحتج الكوفيون بالإجماع أنه لو كان حاضرًا لم يسمع بينة المدعى حتى يسأل المدعى إليه، فإذا غاب فأحرى أن لا يسمع. قالوا: ولو جاز الحكم مع غيبته لم يكن الحضور عند الحاكم مستحقا عليه، وقد ثبت أن الحضور مستحق عليه؛ لقوله تعالى: (وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون) [النور: 48] فذمهم على الإعراض عن الحكم وترك الحضور، فلولا أن ذلك واجب عليهم لم يلحقهم الذم. قالوا: وروى عن على حين بعثه النبى (صلى الله عليه وسلم) إلى اليمن قال له: (لا تقض لأحد الخصمين حتى تسمع من الآخر) وقد أمر النبى (صلى الله عليه وسلم) بالمساواة بين الخصمين فى المجلس، واللحظ واللفظ. والحكم على الغائب يمنع من هذا كله. قال ابن القصار: واحتج الذين أجازوا القضاء على الغائب بحديث هند وأن النبى (صلى الله عليه وسلم) قضى لها على زوجها بالأخذ من ماله وهو غائب. فإن قيل: حكم من غير أن قامت البينة بالزوجية وثبوت الحق عليه. قيل: ليس يكون الحكم بعد إقامة البينة، وهذا معلوم لم يحتج إلى نقله. وقال الطبرى: لم يسألها النبى (صلى الله عليه وسلم) البينة لعلمه بصحة دعواها. قال ابن المنذر: وإنما حكم عليه وهو غائب لما علم ما يجب لها عليه، فحكم بذلك عليه ولم ينتظر حضوره، ولعله لو حضر أدلى بحجة فلم يؤخر (صلى الله عليه وسلم) الحكم بذلك وأمضاه عليه وهو غائب. وقد تناقض الكوفيون فى ذلك فقالوا: لو ادعى رجل عند حاكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015