من عنده؛ لأن ذلك نفاق كما قال ابن عمر، وقال فيه (صلى الله عليه وسلم) : (شر الناس ذو الوجهين) وقال: إنه لا يكون عند الله وجيهًا؛ لأنه يظهر لأهل الباطل الرضا عنهم، ويظهر لأهل الحق مثل ذلك ليرضى كل فريق منهم ويريه أنه منهم وهذه المداهنة المحرمة على المؤمنين. قال المهلب: فإن قال قائل: إن حديث ابن عمر وحديث أبى هريرة يعارضان قوله (صلى الله عليه وسلم) للذى استأذن عليه: (بئس ابن العشيرة) ثم تلقاه بوجه طلق وترحيب. قيل: ليس بينهما تعارض بحمد الله؛ لأنه لم يقل (صلى الله عليه وسلم) خلاف ما قاله عنه؛ بل أبقاه على التجريح عند السامع، ثم تفضل عليه بحسن اللقاء والترحيب لما كان يلزمه (صلى الله عليه وسلم) من الاستئلاف، وكان يلزمه التعريف لخاصته بأهل التخليط والتهمة بالنفاق، وقد قيل: إن تلقيه له بالبشر إنما كان لاتقاء شره، وليكف بذلك أذاه عن المسلمين، فإنما قصد بالوجهين جميعًا إلى نفع المسلمين بأن عرفهم سوء حاله وبأن كفاهم ببشره له أذاه وشره. وذو الوجهين بخلاف هذا؛ لأنه يقول الشىء بالحضرة، ويقول ضده فى غير الحضرة، وهذا تناقض، والذى فعله (صلى الله عليه وسلم) محكم مبين لا تناقض فيه؛ لأنه لم يقل لابن العشيرة عند لقائه إنه فاضل ولا صالح بخلاف ما قال فيه فى غير وجهه. ومن هذا الحديث استجاز الفقهاء التجريح والإعلام بما يظن من