بكتبه إلى خيبر وإلى الروم، ولم يذكر أن النبى، عليه السلام، أشهد عليها. وأجمع فقهاء المصار وحكامها على فعل سوار وابن أبى ليلى، اتفقوا أنه لا يجوز كتاب قاض إلى قاض حتى يشهد عليه شاهدان لما دخل الناس من الفساد، واستعمال الخطوط ونقش الخواتيم، فاحتيط لتحصين الدماء والأموال بشاهدين. وروى ابن نافع، عن مالك قال: كان من أمر الناس القديم إجازة الخواتم حتى إن القاضى ليكتب للرجل الكتاب فما يزيد على ختمه فيجاز له حتى اتهم الناس، فصار لا يقبل إلا بشاهدين، واختلفوا إذا أشهد القاضى شاهدين على كتابه ولم يقرأ عليهما ولا عرفهما بما فيه فقال مالك: يجوز ذلك ويلزم القاضى المكتوب إليه قبوله بقول الشاهدين: هذا كتابه ودفعه إلينا مختومًا. وقال أبو حنيفة والشافعى وأبو ثور: إذا لم يقرأه عليهما القاضى لم يجز ولا يعمل القاضى للمكتوب إليه بما فيه. وروى عن مالك مثله. وحجتهم أنه لا يجوز أن يشهد الشاهد إلا بما يعلم؛ لقوله تعالى: (وما شهدنا إلا بما علمنا) [يوسف: 81] . وحجة من أجاز ذلك أن الحاكم إن أقر أنه كتابه فقد أقر بما فيه، وليس للشاهدين أن يشهدا على ما ثبت عند الحاكم فيه، وإنما الغرض منهما أن يعلم القاضى المكتوب إليه أن هذا كتاب القاضى إليه، وقد يثبت عند القاضى من أمور الناس ما لا يجب أن