وقد كان أمرها مرة أخرى أن تعمل على إقبال دم الحيض وإدباره، فوجب اعتبار تغير الدم، واعتبار قدر الأيام، واستعمال الحديثين جميعًا إذ كان كل واحد منهما يبين معنى صاحبه ولا يخالفه. وإن قيل: كيف يعتبر قدر الأيام؟ . قيل: وجه ذلك، والله أعلم، لو أن امرأة كانت تحيض عن رأس كل هلال ثمانية أيام، فأطبق عليها الدم ولم ينقطع عنها، فإنا نقول لها: صلى حتى ترى دمًا تنكرينه، فإن رأت الدم المنكر قبل رأس الهلال بثلاثة أيام أو أربعة احتسبت بتلك الأيام، وجلست عن الصلاة تمام ثمانية أيام على ما كانت تعتاده، وهكذا تفعل أيضًا إن تغير الدم بعد رأس الهلال بأيام، فإن بقى الدم بحاله لم تترك الصلاة، لأن دمها دم عرق، وإنما تعتبر أبدًا تغير الدم مع مقدار الأيام. ومما يدل على صحة ما قلنا، أن الحديثين وإن اختلف لفظ الجواب فيهما عن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، فى امرأة واحدة وقصة واحدة أن حديث سليمان بن يسار، عن أم سلمة، أن امرأة كانت تهراق الدماء فاستفتت لها أم سلمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . إنما كان فى قصة فاطمة بنت أبى حبيش، وأنها كانت تسأل عن حالها أبدًا بنفسها، وتبعث غيرها على السؤال رغبة فى الاستثبات، وتزيد اليقين فى أمرها ويدل على ذلك ما رواه الحميدى عن سفيان بن عيينة، قال: حدثنا أبو أيوب السختيانى، عن سليمان بن يسار، أنه سمعه يحدث عن أم سلمة أنها قالت: كانت فاطمة بنت أبى حبيش تستحاض، فسألت النبى (صلى الله عليه وسلم) ، فقال: تمت إنه ليس بالحيضة، ولكنه عرق،