الله يقول: (إن ترك خيرًا) [البقرة: 180] وإن هذا شىء يسير فدعه لعيالك فإنه أفضل. وروى حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أنه ذكر له الوصية فى مرضه فقال: أما مالى فالله أعلم ما كنت أعمل فيه، وأما رباعى فلا أحب أن يشارك فيها ولدى أحد. وعن على بن أبى طالب أنه دخل على رجل من بنى هاشم يعوده، وله ثمانمائة درهم وهو يريد أن يوصى، فقال له: يقول الله: (إن ترك خيرًا) [البقرة: 180] ، ولم تدع خيرًا توصى به. وعن ابن عباس: من ترك سبعمائة درهم فلا يوص، فإنه لم يترك خيرًا. وقال قتادة فى قوله: (إن ترك خيرًا) [البقرة: 180] : ألف درهم فما فوقها. قال ابن المنذر: فدلت هذه الآثار على أن من ترك مالا قليلا، فالاختيار له ترك الوصية وإبقاؤه للورثة. وقوله: (عسى الله أن يرفعك فينتفع بك ناس، ويضر بك آخرون) فهذا قد خرج كما قال (صلى الله عليه وسلم) ، ثبت أن سعدًا أمر على العراق فأتى بقوم ارتدوا عن الإسلام، فاستتابهم فأبى بعضهم فقتلهم، فضر أولئك، وتاب بعضهم فانتفعوا به، وعاش سعد بعد حجة الوداع خمسًا وأربعين سنة. وقال الطحاوى: فى حديث سعد جواز الوصية بالثلث، ولو كان جورًا لأنكر ذلك (صلى الله عليه وسلم) وأمره بالتقصير عنه، ثم تكلم الناس بعد هذا فى هبات المريض وصدقاته إذا مات من مرضه، فقال قوم، وهم أكثر العلماء: هى من الثلث كسائر الوصايا. واتفق على ذلك فقهاء الحجاز والعراق.