الآية فى أمر النساء حين هاجرن إلى النبى (صلى الله عليه وسلم) مثبتة لما تقدم من حكم ذلك وقد تقدم هذا المعنى فى أول كتاب الشروط. وقول النبى (صلى الله عليه وسلم) لسهيل: (إنا لم نفض الكتاب بعد) أراد أن يخلص أبا جندل وقد كان تم الصلح بالكلام والعقد قبل أن يكتب. وفيه: أن من عاقد وصالح على شىء بالكلام ثم لم يوف له به أنه بالخيار فى النقض. وأما قول عمر وما قرر عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أنهم على الحق (ولم نعطى الدنية فى ديننا) ، أى نرد من استجار بنا من المسلمين إلى المشركين فقال له: (إنى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ولست أعصيه) تنبيهًا لعمر أنى إنما أفعل هذا من أجل ما أطلعنى الله عليه بحبس الناقة عن أهل مكة مما فى غيبه لهم من الإبلاغ فى الإعذار إليهم، ولست أفعل ذلك برأى، إنما أفعله بوحى من الله لقوله: (ولست أعصيه) . وفيه: جواز المعارضة فى العلم حتى تتبين المعانى. وفيه: أن الكلام محمول على العموم حتى يقوم عليه دليل الخصوص ألا ترى أن عمر حمل كلامه (صلى الله عليه وسلم) على الخصوص لأنه طالبه بدخول البيت فى ذلك العام فأخبره (صلى الله عليه وسلم) أنه لم يعده به فى ذلك العام، بل وعده وعدًا مطلقًا فى الدهر حتى وقع، فدل أن الكلام محمول على العموم حتى يأتى دليل الخصوص. وفى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (فإنك آتيه) يدل أن من حلف على فعل ولم يوقت وقتًا أن وقته أيام حياته. قال ابن المنذر: فإن حلف