خارج عن العادة يجب عليهم أن يتأملوه وينظروا شبهه فى قضاء الله فى الأمم الخالية فيتمثلوا صواب الخير فيه، ويعلموا أن ذلك مثل ضرب لهم ونبهوا عليه، كما امتثله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى أمر ناقته وبروكها بقصة الفيل؛ لأنها كانت إذا وجهت إلى مكة بركت وإذا صرفت عنها مشت، كما دار الفيل، وهذا خارج عن العادة، فعلم أن الله صرفها عن مكة كما صرف الفيل، ولذلك قال (صلى الله عليه وسلم) : (والله لا يسألونى خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها) يريد بذلك موافقة الله فى تعظيم الحرمات؛ لأنه فهم عن الله إبلاغ الأعذار إلى أهل مكة فأبقى عليهم لما كان سبق لهم فى علمه أنهم سيدخلون فى دين الله أفواجًا. وفيه: علامات النبوة، وبركة النبى (صلى الله عليه وسلم) ، وبركة السلاح المحمولة فى سبيل الله، ونبع الماء من السهم، فإنما قدم النبى (صلى الله عليه وسلم) إلى مكة غير مستأمن مما كان بينه وبين أهل مكة من الحرب والمناصبة والعداوة ولا أخذ إذنهم فى ذلك؛ لأنه جرى على العادة من أن مكة غير ممنوعة من الحجاج والمعتمرين، فلما علم الله أنهم صادوه ومقاتلوه حبس الناقة عن مكة كما حبس الفيل تنبيهًا له على الإبقاء عليهم. وقوله: (إن شاء قريشًا قد نهكتهم الحرب) على وجه بذل النصيحة للقرابة التى كانت بينهم، فقال لهم: (إن شئتم ماددتكم) أى: صالحتكم مدة تستجمون فيها إن أردتم القتال وتدعونى مع الناس، يعنى: طوائف العرب فإن ظهرت عليهم دخلتم فيما دخلوا فيه، وإنما