أَبِى الْحُقَيْقِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتُخْرِجُنَا، وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وسلم) ، وَعَامَلَنَا عَلَى الأمْوَالِ وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا، فَقَالَ عُمَرُ: أَظَنَنْتَ أَنِّى نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ، تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ؟ فَقَالَ: كَانَتْ هَذِهِ هُزَيْلَةً مِنْ أَبِى الْقَاسِمِ، قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، فَأَجْلاهُمْ عُمَرُ، وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الثَّمَرِ مَالا وَإِبِلا وَعُرُوضًا مِنْ أَقْتَابٍ وَحِبَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وقد تقدم فى كتاب المزارعة فى باب: إذا قال رب الأرض أقرك ما أقرك الله. وهذا الحديث يدل أن عمر إنما أخرجهم لعداوتهم للمسلمين ونصبهم الغوائل لهم اقتداء بالنبى (صلى الله عليه وسلم) فى إجلائه بنى النضير، وأمره لهم ببيع أرضهم حين أرادوا الغدر برسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وأن يلقوا عليه حجرًا مع أنه بلغه أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال عند موته: (لا يبقين دينان بأرض العرب) فرأى عمر إنفاذ وصية النبى (صلى الله عليه وسلم) عندما بدا منهم من فدعهم لابنه وخشى منهم أكثر من هذا. قال المهلب: وفيه دليل على أن العداوة توجب المطالبة بالجنايات كما طالبهم عمر بفدعهم ابنه ورجح ذلك بأن قال: ليس لنا عدو غيرهم، فعلق المطالبة بشاهد العداوة، فأخرجهم من الأرض على ما كان أوصى به النبى (صلى الله عليه وسلم) ، وإنما ترك عمر مطالبة اليهود بالقصاص فى فدع ابنه؛ لأنه فدع ليلا وهو نائم، فلم يعرف ابن عمر أشخاص من فدعه، فأشكل الأمر كما أشكلت قصة عبد الله بن سهل حين وداه (صلى الله عليه وسلم) من عند نفسه. وفيه: أن أفعال النبى (صلى الله عليه وسلم) وأقواله محمولة على الحقيقة على وجهها، لا على الهزل حتى يقوم دليل المجاز والتعريض، وإنما أقر النبى (صلى الله عليه وسلم) يهود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015