وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ: اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا. وَقَوْلُ الشَّعْبِىِّ: بِوَقِيَّةٍ أَكْثَرُ. اختلف العلماء فى تأويل هذا الحديث لاختلاف ألفاظه، فمرة روى بلفظ الهبة والإفقار ومرة روى بلفظ الاستثناء والاشتراط، واختلاف اللفظ يوجب اختلاف المعانى عند الفقهاء إلا أن البخارى غلب لفظ الاشتراط وقضى له على غيره بالصحة، وممن قال بذلك من الفقهاء: الأوزاعى وأحمد وأبو ثور ومحمد بن نصر المروزى، وأهل الحديث قالوا: لا بأس أن يبيع الرجل الدابة ويشترط ظهرها إلى مكان معلوم، والبيع فى ذلك جائز والشرط ثابت. وقال مالك: إن كان الاشتراط للركوب إلى مكان قريب مثل اليوم واليومين والثلاثة فلا بأس بذلك، وإن كان بعيدًا فلا خبر فيه على ظاهر حديث جابر أنه باع الجمل من النبى (صلى الله عليه وسلم) واستثنى ركوبه إلى المدينة، وكان بينه وبينها ثلاثة أيام. وقال مالك: ولا بأس أن يشترط سكنى الدار الأشهر والسنة. وقالت طائفة: إذا اشترط ركوب الدابة أو خدمة العبد أو سكنى الدار فالبيع فاسد. هذا قول الكوفيين والشافعى. وقالوا: قد ورد حديث جابر بلفظ الإفقار والهبة، وهو أولى من حديث الاشتراط. قالوا: ولا يخلو شرط ركوب البائع أن يكون الركوب مستحقا من مال المشترى، فيكون البيع فاسدًا؛ لأنه شرط لنفسه ما قد ملكه المشترى، أو يكون استثناؤه الركوب أوجب بقاء الركوب فى ملك البائع، فهذا محال لأن المشترى لم يملك المنافع بعد البيع من