عنهم ومن حرمهم مسلمًا أو غيره، وألا يردوا ولا يخرجوا من الحرم من فر إليه من المسلمين، وكان هذا من إجلال حرمة الحرم، فلهذا عاقدهم على ذلك مع يقين ما وعده الله تعالى أنه ستفتح عليه مكة ويدخلها حتى قال له عمر: (ألست أخبرتنا أنا داخلون مكة؟ فقال: هل أخبرتك أنك داخلها العام؟) فدل هذا أن المدة التى قاضى النبى (صلى الله عليه وسلم) أهل مكة فيها إنما كانت من الله عز وجل مبالغة فى الإعذار إليهم مع ما سبق من علمه من دخولهم فى الإسلام. قال ابن المنذر: اختلف العلماء فى المدة التى كانت بين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبين أهل مكة عام الحديبية. فقال عروة بن الزبير: كانت أربع سنين. وقال ابن جريج: كانت ثلاث سنين. وقال ابن إسحاق: كانت عشر سنين. وقال الشافعى: لا يجوز مهادنة المشركين أكثر من عشر سنين على ما فعل النبى (صلى الله عليه وسلم) بالحديبية، فإن هودن المشركون أكثر من ذلك فهى منتقضة؛ لأن الأصل فرض قتال المشركين حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية. وقال ابن حبيب عن مالك: يجوز مهادنة المشركين السنة والسنتين والثلاث وإلى غير مدة، وإجازته ذلك إلى غير مدة يدل على أنه تجوز مدة طويلة، وأن ذلك لاجتهاد الإمام، بخلاف قول الشافعى. وقوله: (يحجل فى قيوده) والحجل: مشى المقيد. من كتاب العين.
/ 12 - فيه: أَنَس: (أَنَّ الرُّبَيِّعَ، وَهِىَ ابْنَةُ النَّضْرِ، كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأرْشَ، وَطَلَبُوا الْعَفْوَ، فَأَبَوْا، فَأَتَوُا النَّبِىَّ (صلى الله عليه وسلم) ، فَأَمَرَهُمْ بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ