يقول عدل علىّ ولىّ، ثم لا يقبله حتى يسأله عن معرفته؛ فإن كانت باطنة متقدمة وإلا لم يقبل ذلك. قال الأبهرى: والحجة لمالك أنه قد لا يعلم منه إلا الخير، ويعلم غيره منه غير الخير مما يجب به رد شهادته، فيجب أن يقول: أعلمه عدلا رضًا؛ لأن هذا الوصف الذى أمر الله تعالى بقبول شهادة الشاهد معه بقوله: (وأشهدوا ذوى عدل منكم) [الطلاق: 2] ) ممن ترضون من الشهداء) [البقرة: 283] فيجب أن يجمع الشاهد العدالة والرضا. قال المهلب: وأما قول أسامة: (لا أعلم إلا خيرًا) فى التزكية، فإن هذا كان فى عصر الرسول الذين شهد الله لهم أنهم خير أمة أخرجت للناس، فكانت الجرحة فيهم شاذة نادرة؛ لأنهم كانوا كلهم على العدالة، فتعديلهم أن يقال: لا أعلم إلا خيرًا، فأما اليوم فالجرحة أعم فى الناس، وليست لهم شهادة من كتاب الله ولا من سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعدالة مستولية على جميعهم، فافترق حكمهم. وفى قول بريرة: (ما أعلم عليها شيئًا أغمصه) دليل على أن من اتهم فى دينه بأمر أنه يطلب فى سائر أحواله نظير ما اتهم به، فإن لم يوجد له نظير لم يصدق عليه ما اتهم فيه، وإن وجد لذلك نظير قويت الشبهة، وحكم عليه بالتهمة فى أغلب الحال لا فى الغيب، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015