العفو} [البقرة: 219] ، فروى عن أكثر السلف أن المراد بذلك صدقة التطوع، روى ذلك عن القاسم وسالم، قالا: العفو فضل المال ما تصدق به عن ظهر غنى. وقال الحسن: لا تنفق حتى يجهد مالك فتبقى تسأل الناس، وفيها قول ثالث عن مجاهد، قال: العفو الصدقة المفروضة. قال إسماعيل بن إسحاق: وما ذكره مجاهد غير ممتنع؛ لأن الذى يؤخذ فى الزكاة قليل من كثير، ولكن ظاهر التفسير ومقصد الكلام يدل أنه فى غير الزكاة، والله أعلم. وقال الزجاج: أمر الناس أن ينفقوا الفضل إلى أن فرضت الزكاة، فكان أهل المكاسب يأخذ الرجل من كسبه كل يوم ما يكفيه ويتصدق بباقيه، ويأخذ أهل الذهب والفضة ما ينفقون فى عامهم وينفقون باقيه، روى هذا فى التفسير. ذكر البخارى أن الآية عامة فى النفقة على الأهل وغيرهم؛ لأن الرجل لا تلزمه النفقة على أهله إلا بعد ما يعيش به نفسه، وكان ذلك عن فضل قوته، وقد جاء فى الحديث عن النبى، عليه السلام، فى هذه الأحاديث أن نفقة الرجل على أهله صدقة، فلذلك ترجم بالآية فى النفقة على الأهل. قال الطبرى: إن قال قائل: ما وجه حديث أبى مسعود وحديث سعد وما تأويلهما، وكيف يكون إطعام الرجل أهله الطعام صدقة وذلك فرض عليه؟ فالجواب: أن الله تعالى جعل من الصدقة فرضًا وتطوعًا، ومعلوم أن أداء الفرض أفضل من التطوع، فإذا كان عند الرجل قدر قوته ولا فضل فيه عن قوت نفسه، وبه إليه حاجة، فهو خائف بإيثاره غيره