واجبًا، ولولا هذه المتعة لصار عقد النكاح إذًا يذهب باطلاً من أجل أنهن لم يمسسن، فيستحققن الصدقات ولم يفرض لهن، فيستحققن أيضًا فيها، فلابد من المتعة على كل حال. واحتج من لم يوجب المتعة أصلاً، فقال: قوله تعالى: (ومتعوهن) [البقرة: 236] ، وإن كان ظاهره الوجوب، فقد قرن به ما يدل على الاستحباب، وذلك أنه تعالى قرن بين المعسر والموسر، والواجبات فى النكاح على ضربين، إما أن يكون على حسل حال المنكوحات كالصداق الذى يرجع فيه إلى صداق مثلها، أو يكون على حسب حالهما جميعًا كالنفقات، والمتعة خارجة من هذين المعنيين؛ لأنه اعتبر فيها حال الرجل وحده بأن يكون على الموسر أكثر مما على المعسر، وأيضًا فإن المتعة لو كانت فرضًا كانت مقدرة معلومة كسائر الفرائض فى الأموال، ولم نر فرضًا واجبًا فى المال غير معلوم، فلما لم تكن كذلك خرجت من حد الفرائض إلى حد الندب، وصارت كالصلة والهدية، وأيضًا فإن الله تعالى لما علقها بقوم دل على أنها غير واجبة؛ لأن الواجبات ما لزمت الناس عمومًا كالصلاة والصيام والحج والزكاة، فلما قال: (حقًا على المحسنين) [البقرة: 236] ، و) حقًا على المتقين) [البقرة: 180] ، سقط وجوبها عن غيرهم. وكذلك تأوله شريح، فقال لرجل: متع إن كنت محسنًا، متع إن كنت متقيًا. وقول البخارى: ولم يذكر النبى (صلى الله عليه وسلم) فى الملاعنة متعة حين طلقها زوجها، حجة لمن قال: لكل مطلقة متعة، والملاعنة غير داخلة فى جملة المطلقات، فلا متعة لها عند مالك والشافعى. قال ابن القاسم: